في قلب غابات المكسيك الكثيفة، تقع بلدة صغيرة تسمى ريو تاليا، تعيش فيها قبيلة الزابوتك، وهم شعب أصلي يتمسك بتقاليده وعاداته منذ قرون. كانت إينيس راميريز، امرأة من هذه القبيلة، تعيش حياة بسيطة مع عائلتها في هذه البلدة النائية التي يسكنها حوالي 500 نسمة.
في ليلة باردة من ليالي مارس عام 2000، بدأت إينيس تشعر بآلام المخاض. كانت وحدها في المنزل، حيث كان زوجها قد خرج إلى المدينة المجاورة للشرب ولم يعد بعد. لساعات طويلة، حاولت إينيس التعايش مع الألم، لكن بعد مرور 12 ساعة دون أي تقدم في الولادة، أدركت أن عليها اتخاذ قرار صعب وشجاع.
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، والظلام يلف المكان بصمت مرعب. جلست إينيس على مقعد خشبي في مطبخها البسيط، محاطة بالأدوات المنزلية القليلة التي تملكها. بيد مرتجفة، أخذت زجاجة من الكحول الإيثيلي من خزانة الأدوية، وابتلعت بعضًا منه لتخفيف الألم ولتعقيم نفسها. كانت تعلم أن الوقت ليس في صالحها، وأنها قد تكون على وشك فقدان حياتها وحياة طفلها إذا لم تتصرف بسرعة.
أمسكت بسكين مطبخ حادة وبدأت في إجراء عملية قيصرية على نفسها. قطعت بطنها بحذر وببطء، تتجاهل الألم المروع الذي كان يمزقها. كانت تعرف أنها إذا ارتكبت أي خطأ، فقد يكون ذلك نهاية حياتها. بعد ساعة طويلة من القطع الدقيق، وصلت أخيرًا إلى رحمها وتمكنت من إخراج طفلها. قطعت الحبل السري وسقطت فاقدة للوعي من شدة الألم والإرهاق.
عندما استعادت وعيها، لفت بطنها بقطعة قماش نظيفة. نظرت إلى طفلها الذي كان يبكي بصوت ضعيف، وشعرت بمزيج من الفرح والألم. نادت ابنها بينيتو، الذي كان يبلغ من العمر ست سنوات، وطلبت منه الذهاب إلى البلدة وطلب المساعدة. بينيتو الصغير، رغم خوفه وقلقه، انطلق عبر الطرق الوعرة والمظلمة بحثًا عن الطبيب.
بعد عدة ساعات، عاد بينيتو مع الطبيب وبعض الجيران. أجرى الطبيب بعض الغرز السريعة للجرح ونقلوا إينيس وطفلها إلى المستشفى على عجل. هناك، تلقوا العناية اللازمة واستطاعت إينيس التعافي تدريجيًا من جروحها الخطيرة.
رغم أن إينيس لا تتحدث الإسبانية، إلا أن روحها القوية وشجاعتها كانت واضحة للجميع. عندما سُئلت عن سبب إقدامها على هذه الخطوة الجريئة، قالت بلغتها الأم: "عندما رأيت أن الطفل لم يخرج، قررت أنه إذا مات طفلي، فسأموت أنا أيضًا. ولكن إذا نما طفلي، فستكون لي الفرصة لرؤيته يكبر."
كانت تلك الليلة تجربة مؤلمة، لكنها أكدت للجميع أن قوة الإرادة والشجاعة يمكن أن تتغلب على أصعب الظروف. أصبحت قصة إينيس راميريز مصدر إلهام للكثيرين، وشهادة على قوة الأمهات وحبهن اللامحدود لأطفالهن.