-في عام 1997، كانت عائلتي تسافر من السعودية إلى منزلنا الشعبي في دنقلا شمال السودان لقضاء إجازة الصيف كما اعتدنا كل عام. المنزل كان مكونًا من طابق أرضي، محاطًا بفناء واسع يحتوي على حظيرة مهجورة استخدمناها كمخزن لبعض الأغراض غير المستعملة. تلك السنة، بدأ كل شيء طبيعيًا إلى أن حدث أمر غير متوقع، حادثة لا تزال محفورة في ذاكرتي حتى اليوم.
في أحد تلك الأمسيات، وبينما كان أبي يطلب مني الذهاب إلى محل البقالة لشراء شموع وبعض المستلزمات، لمحت كلبًا رمادي اللون يدخل إلى المخزن. توجهت إليه مباشرة لإخراجه، واستجاب الكلب للأمر وغادر المنزل بهدوء. لم أكن أعلم حينها أن هذا الكلب سيصبح بداية لحدث غامض. أثناء ذهابي للبقالة، لاحظت أن الكلب يتبعني، ومع مرور الوقت بدأ لونه يتغير إلى الأسود، وسلوكه الغريب بات يثير في نفسي ريبة كبيرة.
عندما عدت إلى المنزل في الظلام، استمر الكلب في مراقبتي وهو يمشي للخلف، وجهه مقابلي بطريقة مخيفة. أصابني الذعر، وهربت مسرعًا نحو المنزل. عند وصولي، أخبرت أخي عن هذا الكلب، لكنه رأى شيئًا مختلفًا تمامًا: كلب عادي يمشي بشكل طبيعي. رغم أني كنت واثقًا مما رأيت، إلا أن الجميع حاول طمأنتي.
ليلة ذلك اليوم، وبينما كنا نائمين في الفناء الخارجي كعادة الرجال في المنزل، استيقظت بفزع حين شعرت بشيء يلعق قدمي. نهضت لأجد الكلب مرة أخرى يخرج من المنزل المقفل بطريقة غامضة. حاولت التحدث عن الكلاب التي خرجت من المخزن، لكن الجميع اعتقد أني رأيت كابوسًا. أبي قام بتهدئتي بقراءة القرآن، وعدت للنوم، لكن شعور القلق والخوف ظل يلازمني.
في اليوم التالي، بينما كنت مكلفًا بتنظيف المخزن، اكتشفت رائحة كريهة تشبه فضلات الكلاب. وبينما كنت أحاول تنظيفها، حدث شيء غريب؛ اختفت تلك الفضلات التي رأيتها بوضوح. دعوت أخي ليشاهد بنفسه، لكنه لم يجد شيئًا. في تلك اللحظة، بدأت الشكوك تزداد بداخلي، وشعرت أن المخزن يخفي شيئًا غامضًا.
الأحداث استمرت في التصاعد. عندما رأيت مجموعة من الكلاب تدخل المخزن، لم أتمالك نفسي، وانهرت من شدة الخوف. أغمي علي، وأفقت على صوت والدي يقرأ القرآن بجانبي. طلب مني بعدها الابتعاد عن المخزن والالتزام بالأذكار وقراءة آية الكرسي بعد كل صلاة.
بعد هذه الحادثة، قرر والدي إفراغ المخزن بالكامل، وتشغيل سورة البقرة يوميًا، واستخدام البخور لتعطير المكان. وأخيرًا، حول المخزن إلى غرفة للضيافة. غادرنا إلى السعودية بعد أن أغلق أبي النوافذ ورش الماء المقروء عليه في أركان المنزل. ومنذ ذلك اليوم، لم يحدث لي أي مكروه.
اليوم، وبعد مرور أكثر من عشرين عامًا، أتذكر هذه القصة كجزء من الماضي، لكنها لا تزال تثير بداخلي الرهبة كلما عدت بتفكيري إلى تلك الليلة المرعبة.